إصدار كتاب “الفضاء السيبراني وتغيرات القوة في العلاقات العالمية”

إصدار كتاب “الفضاء السيبراني وتغيرات القوة في العلاقات العالمية”

ينطلق الكتاب من دراسة نشأة الفضاء السيبراني وتطوره، والذي أصبح ساحة مركزية في السياسة العالمية، بفضل أدوات التكنولوجيا والمعلومات والاتصالات التي ساهمت في إعادة تعريف القوة بأشكالها المختلفة. ويستعرض العمق الاستراتيجي للفضاء السيبراني وتأثيره المتسارع في صياغة أدوار فواعل العلاقات الدولية، وكيفية توظيفهم لهذا المجال لتعزيز نفوذهم، وتطوير أدوات تأثيرهم، وابتكار مزايا تنافسية واستراتيجية في مشهد دولي متغير.

الفضاء السيبراني: أشكال القوة وطبيعة الفاعلين

فرض هذا التحول على الدول إعادة ترتيب أولوياتها الاستراتيجية لمواكبة الاستخدامات المتعددة للفضاء السيبراني، الذي بات يمثّل ساحةً رئيسةً للصراعات والتجاذبات الدولية. وتعتمد الدول اليوم، على نحو متزايد، على هذا الفضاء في إدارة بنيتها التحتية العسكرية، والمصرفية، والحكومية، والتجارية؛ ما جعله عاملًا رئيسًا في تحقيق الأمن القومي وتعزيز النمو الاقتصادي.

غير أنّ هذا التوسع في الاعتماد على الفضاء السيبراني ترافق مع تحدِّيات كبيرة، أبرزها: تنامي الهجمات السيبرانية التي باتت وسيلة فعّالة في تحقيق الأهداف السياسية والعسكرية. وهذه الهجمات قادرة على إلحاق أضرار جسيمة بالبنى التحتية للدول المستهدفة؛ ما يجعلها أداة فعّالة في إدارة الصراعات الدولية. ومع ذلك، فإنَّ الأثر الأعمق للفضاء السيبراني يتمثل في إعادة تشكيل مفهوم القوة نفسه، فقد أصبح عاملًا حاسمًا في العلاقات الدولية، ليس فيمن يمتلك الموارد التقليدية فحسب، بل فيمن يمتلك المعرفة الرقمية والتكنولوجيا المتقدمة.

الفضاء السيبراني ميدانا للصراع الدولي

وتُشكّل التحديات والتغيرات التي أحدثها الفضاء السيبراني دافعًا رئيسًا لتعميق الفهم بشأن تأثيراته المتعددة في العلاقات الدولية ومفهوم القوة. ومن هذا المنطلق، يسلط الكتاب الضوء على هذه الظاهرة بوصفها محورًا جديدًا لإعادة صياغة الديناميكيات الدولية، من خلال معالجة موضوعاته التي توزعت على قسمين رئيسين، يضمّان أربعةَ فصولٍ مترابطةٍ.

يتناول القسم الأول من الكتاب الفضاء السيبراني بوصفه ظاهرة جديدة في العلاقات الدولية. ففي الفصل الأول، يجري استعراض الإطار المفاهيمي لنشوء الفضاء السيبراني؛ إذ يُسلط الضوء على تعريفه وخصائصه ودوره المتنامي في تشكيل العلاقات الدولية. ويركز الفصل الثاني على مفهوم القوة وتحولاته عبر التاريخ، مع تحليل يظهر كيفية إسهام ظهور الفضاء السيبراني في إعادة صوغ هذا المفهوم؛ ما أدى إلى تراجع أهمية القوة التقليدية أمام صعود القوة السيبرانية.

أما القسم الثاني، فيناقش الفضاء السيبراني بصفته ميدانًا للصراع الدولي. فيتناول الفصل الثالث الصراع السيبراني بصفته أحد مظاهر التحولات الجيوسياسية الراهنة؛ إذ يُبرز الكيفية التي أصبح فيها هذا المجال أداة رئيسة للتنافس بين القوى الكبرى والصاعدة. ويركز الفصل الرابع على سباق تطوير القدرات السيبرانية وأثره في موازين القوى العالمية؛ إذ يُظهر الكيفية التي باتت فيها الدول تستثمر على نحو متزايد في تعزيز قدراتها السيبرانية لتحقيق التفوق الاستراتيجي.

المؤلف

خالد وليد محمود: حاصل على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية. يشغل حاليًا منصب رئيس أول لقسم الإعلام والاتصال في معهد الدوحة للدراسات العليا. قبل ذلك، عمل باحثًا في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. تتمحور اهتماماته البحثية حول “السايبر بوليتكس” / السياسة السيبرانية، وهو مجال ناشئ يدرس تأثير الفضاء السيبراني في العلاقات الدولية وإعادة تشكيل القوى العالمية. يركز على تحليل دور الفضاء السيبراني في تكوين ديناميكيات القوة في النظام العالمي المعاصر. صدر له عدة كتب، إضافة إلى ستة عشرة دراسة محكّمة، وعشرات المقالات الصحفية التي تتناول موضوعات متعلقة بمجال تخصصه.