الرومانسية في عصر الذكاء الاصطناعي | أبحاث تشير إلى زيادة قيمة السوق العالمية إلى 10 مليارات دولار بحلول 2025

في عصر “الذكاء الاصطناعي”، أصبح كل شيء “رقمي” وقابل للاستخدام من خلال التكنولوجيا الرقمية الحديثة، حتى في عالم “الحب والرومانسية” يُعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل طريقة تواصلنا مع الآخرين، وقد ظهرت برامج مصممة لمحاكاة العلاقات الرومانسية، بل واكتسبت شهرة وزخماً ملحوظاً في معدلات الاستخدام.
الحب .. في زمن الـ AI
في عام 2024، قُدّرت قيمة السوق العالمية للعلاقات الرومانسية المدعومة بالذكاء الاصطناعي بـ 2.8 مليار دولار، ومن المتوقع أن تصل إلى 9.5 مليار دولار بحلول عام 2028، مع زيادة عمليات البحث على “جوجل” عن مصطلحات مثل “صديقة الذكاء الاصطناعي” بنسبة 2400% بين عامي 2022 و2024. وفي دراسة حديثة أجراها موقع “سايكولوجي توداي”، تضم منصات مثل “Character AI” ملايين المستخدمين شهرياً، حيث يمثل الرجال غالبية هذه التفاعلات. ومع تدفق أموال الإعلانات على هذه الصناعة، من الواضح أن العلاقات الافتراضية أصبحت خياراً شائعاً لكثيرين.. ويثير هذا المعدل المرتفع من الإقبال على هذه العلاقات الافتراضية قلقاً كبيراً على مستقبل التواصل البشري الطبيعي، حيث يلجأ هؤلاء إلى “الصداقة الرقمية” للهروب من صراعات الصداقات الطبيعية واختلافات وجهات النظر.
يغير عشاق الذكاء الاصطناعي هذه الديناميكية بتقديمهم صداقات دون الحاجة إلى جهد أو تطوير، حيث صُمم عشاق الذكاء الاصطناعي ليكونوا شركاء مثاليين؛ صبورين بلا حدود، وداعمين تماماً، ومصممين خصيصاً لتلبية جميع احتياجاتك. ومع أن هذا قد يبدو جذاباً، فإنه يضع معايير عالية جداً للعلاقات الواقعية، فالشركاء البشريون غير كاملين، ولديهم احتياجاتهم ومشاعرهم وحدودهم الخاصة.
دراسات ترصد ارتفاع قيمة السوق العالمية إلى 10 مليارات دولار في 2025
تعد العلاقات الرومانسية من أقوى ركائز التعاطف في الحياة، فالضعف المشترك يساعدنا على التواصل ليس مع شركائنا فقط، بل مع الآخرين في العالم من حولنا. ولا يستطيع محبو الذكاء الاصطناعي تقليد هذه التجربة تماماً لافتقارهم إلى المشاعر الحقيقية أو التجارب المعيشة، ومع ذلك، تُبرمج روبوتات الدردشة بشكل متزايد لمحاكاة تحديات الحياة بشكل مقنع، فقد تُخبرك عن يومها الصعب أو معاناتها في العمل ومشاكله. وفي حين أن هذا قد يُثير تعاطف المستخدمين، إلا أننا لا نعرف بعد ما إذا كان هذا التعاطف سينتقل إلى الأشخاص الحقيقيين، إذا أصبحت قدرتنا على التعاطف مُوجهة نحو الآلات بدلاً من البشر، فأي نوع من المجتمع سنُنشئ؟
ومما يميز العلاقات مع الذكاء الاصطناعي اختلافها الكلي عن العلاقات الإنسانية التي تحتاج لمجهود ومشاركة، على الرغم من أن هذا ما يجعل الثانية قيمة ومهمة للغاية، إذ تتطلب منا تطوير مهارات عاطفية أساسية مثل التنازل والصبر واحترام وجهات النظر الأخرى. وهذه المهارات لا تساعدنا فقط في إدارة العلاقات العاطفية؛ بل هي ضرورية للتواصل في العائلات وأماكن العمل والمجتمعات.
وعلى الجانب الآخر، لا يُطالب محبو الذكاء الاصطناعي بأي من هذا، فقد صُممت لتتكيف تماماً مع احتياجاتنا وتفضيلاتنا، ما يعني أنه لا داعي لمراعاة وجهة نظرهم أو احترامها أو أخذها في الاعتبار من الأساس. ومع مرور الوقت، قد يُضعف هذا قدرتنا أو رغبتنا في الانخراط في الأخذ والعطاء الذي تتطلبه العلاقات الإنسانية.
يعد التلامس الجسدي أحد أهم الأمور التي لا يستطيع عشاق الذكاء الاصطناعي توفيرها، وقد أظهرت الأبحاث أن التلامس الجسدي يُفرز هرمون الأوكسيتوسين “هرمون الترابط”، ويقلل من هرمونات التوتر مثل الكورتيزول، ويعزز الشعور بالأمان والراحة. وهذا ما تفتقده العلاقات الرقمية.
ومما لا شك فيه أن التكنولوجيا حسنت حياتنا بطرق عديدة، لكنها لم تُثبت بعد أنها مفيدة لصحتنا النفسية. ولا يزال التأثير النفسي لعشاق الذكاء الاصطناعي مجالاً بحثياً ناشئاً، إلا أن النتائج الأولية تشير إلى مخاطر محتملة، بما في ذلك زيادة العزلة الاجتماعية، والاعتماد العاطفي، ومعايير العلاقات غير الواقعية. وتتوافق هذه المخاوف مع أبحاث أوسع نطاقاً حول تأثير التكنولوجيا على الصحة النفسية، فقد ربطت الدراسات التفاعل المفرط مع المنصات الرقمية بالاكتئاب والقلق وانخفاض تقدير الذات. وبالنظر إلى مدى شمولية رفقاء الذكاء الاصطناعي، تبدو هذه المخاطر معقولة جداً.
تعليقات