
عندما تنظر الابنة إلى أمها، فإنها لا ترى فقط امرأة تقدم لها الطعام وتكون معها في الحياة اليومية، بل تنتظر من الأم أن تكون لها مرآتها الأولى وسندها الحقيقي والنموذج الأول والأهم الذي تتعلم منه كيف تكون ومن تكون. من هي صاحبة الفضل الأول والنموذج الأمثل في حياة الفتاة؟
الأم المثالية الحنونة ليست فقط هي الطباخة الماهرة، ليست فقط تلك التي تحسن تقديم الطعام والشراب والجلوس بجانب الصغار للحفاظ على أجسادهم وأرواحهم من أي أذى يلحق بهم، ليست فقط مربية ماهرة، بل الأم الحقيقية هي التي تدرك تمامًا أنها تشكل وجدان ومعالم وقلب وشخصية ابنتها لكي تستطيع مواجهة الحياة. احترامها لذاتها، تصرفاتها مع الآخرين، أخلاقها التي تزين وصفها، سلوكها في لحظات الضعف، كرم أخلاقها مع الغير، معرفة مالها وما عليها من التزامات، كل هذا ينقش في ذاكرة الابنة وتتحول تدريجياً إلى ملامح من شخصيتها.
فالأم الواعية تعلم أن كل كلمة تقولها وكل موقف تتخذه وكل قيمة تغرسها تشكل رصيدًا داخليًا في وجدان ابنتها. كل هذا يعلم الابنة كيف تتحمل المسؤولية وكيف تنهض بعد السقوط وكيف تضع كرامتها أولوية حتى في لحظات الاحتياج. الأم الذكية هي التي تشعل داخل ابنتها شرارة الطموح وتمنحها الأمان الذي يكون طوق نجاة لها في وقت الشدة وفي كل تحدٍ يلحق بها في الحياة.
عندما تكون الأم العظيمة حاضرة بروحها ومشاعرها وبقدرتها على الاحتواء الحقيقي دون إصدار الأحكام، فإنها تمنح ابنتها ما لا تستطيع الدنيا بأسرها أن تمنحه لها. الأم القادرة على أن تكون الصدر الحقيقي الذي تلقي عليه الابنة أحزانها والصوت الذي لا يبخل عليها دائمًا في إرشادها دون أن يكسرها أو يضعف شخصيتها، هي الأم التي تصبح العالم بأسره لابنتها.
عزيزتي الأم العظيمة، إذا رأت ابنتك القوة والنضج والنجاح والقدرة على بناء عالمك الخاص، فتصبح نسخة منك. الابنة التي تجد أمها نموذجًا ملهمًا تكتفي بها عن العالم كله، تصبح الأم وطنًا وأمانًا ودافعًا ومرشدًا. وفي زخم الحياة، تصبح الأم اكتفاءً حقيقيًا.
نصيحة من القلب
في زحام الحياة ومع كثرة المغريات والضوضاء الاجتماعية، قد ننشغل بأحاديث لا تغني أو بخروجات لا تضيف أو بدوائر نميمة لا تشبهنا في الأصل. فلا يصح أبدًا ولا من الدين والواجب أن ننغرس في كل هش لا يغني ولا يثمن. فلا شيء يستحق في هذا الوجود أن يزاحم اهتمامنا الحقيقي بأبنائنا، هم الكنز الحقيقي لنا وهم طوق النجاة والفوز بالجنة لنا في نهاية الرحلة.
الرعاية الواجبة للأبناء بصفة عامة
الأم العظيمة الواعية الذكية هي التي تدرك أن رعاية الأبناء ليست مجرد واجب، بل هي رسالة وبلاغة وأعظم وأهم استثمار في الحياة. فتأتي الأم الحقيقية وتضع رعاية أبنائها فوق أي اعتبار، فتضع كل الأولوية لهم، تترك ما لا ينفع وتتفرغ لما ينبت. تهتم بتغذية عقلها لتستطيع أن تغذي عقولهم، تهذب قلبها دائمًا ليصبح ملاذًا لهم، وتملأ وقتها بما يبنيهم لا بما يلهيها عنهم.
إن الأم التي تدرك أن بناء إنسان صالح في هذا العالم يساوي أعظم الإنجازات، الأم التي تصبح هي الركيزة التي يقوم عليها البيت والمصدر الذي ينهل منه الأبناء حبًا ووعيًا وكرامةً ونجاحًا، هذه هي الأم التي يفتخر بها الزمن وتتباهى بها الحياة.
فكل حضن دافئ وكل كلمة طيبة وكل توجيه صادق اقتطعناه من راحتنا لأجل بناء الأبناء يكون في ميزان الرحمة الإلهية وطوق النجاة لنا.
قد يهمك أيضاً :-
- في انتظار قرار البنك المركزي.. أعلى معدلات العائد على الشهادات البنكية
- «الطاقة العالمية» تقلل من توقعاتها لنمو الطلب على النفط.. ما تأثير ذلك على الأسعار
- في ذكرى رحيله.. أحمد الضيف ابن العمدة توفي مرتين في يوم واحد
- في خطوة استراتيجية.. "البترول الكويتية" تستحوذ على "كيبك" لتكوين كيان نفطي متكامل
- أحمد حسام ميدو: لا توجد مفاوضات بين الزمالك ومحمد شريف وأطالب بتحري الدقة في أخبار النادي
تعليقات