قبل توجيه اللوم للطبيب.. استفسروا عن راتبه مكافأة غير مناسبة لطبيب الامتياز | التفاصيل

قبل توجيه اللوم للطبيب.. استفسروا عن راتبه مكافأة غير مناسبة لطبيب الامتياز | التفاصيل

في ضوء ما أُثير مؤخرًا على لسان أحد الإعلاميين بشأن حصول طبيب الامتياز في مصر على راتب شهري يبلغ 25 ألف جنيه، تتزايد الدعوات لضرورة طرح الحقائق كما هي، دون تهوين أو تهويل، حفاظًا على ثقة المجتمع في أبطاله من شباب الأطباء، الذين يقفون في الصفوف الأولى داخل المستشفيات دون مقابل عادل.

مكافأة لا تتجاوز 2800 جنيه شهريًا

الواقع، بعيدًا عن التصريحات الإعلامية، يكشف أن طبيب الامتياز لا يتقاضى سوى مكافأة شهرية تتراوح بين 2600 و2800 جنيه فقط، وهي مكافأة لا ترتقي بحال من الأحوال إلى حجم المهام التي يؤديها الطبيب الشاب يوميًا في غرف الطوارئ، والأقسام الحرجة، والعمليات الجراحية، دون الحصول على أي مزايا مالية أو تأمين اجتماعي كافٍ.

سند قانوني لم يُفعّل حتى الآن

تشير المادة الثالثة من القانون رقم 18 لسنة 2023 إلى أن:

“تُصرف لطبيب الامتياز مكافأة شهرية بقيمة مقطوعة تبلغ 2800 جنيه، ويجوز زيادتها بقرار من رئيس مجلس الوزراء.”

كما ينص القانون رقم 153 لسنة 2019، في المادة (3 مكرر)، على أن:

“يُمنح المتدرب خلال مدة التدريب الإجباري مكافأة تدريبية شهرية تعادل 80٪ من إجمالي ما يتقاضاه شاغل وظيفة طبيب مقيم.”

وبحسب هذا النص، فإن المكافأة المستحقة لطبيب الامتياز يجب ألا تقل عن 5500 جنيه شهريًا، إلا أن تطبيق هذا النص ظل معلقًا حتى تاريخه، ما يضع علامة استفهام كبيرة حول أسباب التأخر في التنفيذ، رغم وضوح التشريع.

مطالبات نقابية مستمرة دون استجابة

لم تكن النقابة العامة للأطباء غائبة عن المشهد، إذ خاطبت مرارًا وتكرارًا الجهات المعنية لتحسين مكافأة الامتياز، دون تحقيق أي تقدم ملموس على أرض الواقع. ويزداد الأمر تعقيدًا في حالة أطباء الامتياز بالجامعات الخاصة والأهلية، حيث لا يحصلون على أي مكافأة من الدولة، بل يُلزمون بسداد رسوم مالية مقابل تدريبهم، في مشهد يبدو مغايرًا للمنطق، إذ يدفع الطبيب الشاب ثمن تعليمه وعمله معًا.

بدلًا من اللوم.. أين التقدير؟

تشير هذه الوقائع إلى ضرورة إعادة توجيه الخطاب الإعلامي والمجتمعي، من لوم الأطباء الشباب على سفرهم إلى الخارج أو تراجع حماسهم، إلى طرح تساؤلات حقيقية حول أوضاعهم المالية والمهنية. فإذا ما توفرت لهم بيئة عمل كريمة، ودخل يليق بمسؤولياتهم، فإن معظمهم لن يفكر في مغادرة وطنه، ولن يبحث عن فرص في الخارج بدافع الحاجة.

في ظل الحديث عن إصلاح المنظومة الصحية في مصر، فإن إنصاف طبيب الامتياز هو الخطوة الأولى نحو بناء جيل من الأطباء ملتزم ومخلص لبلده، يرى في البقاء خدمة وطنية لا عبئًا يهرب منه. وتبقى الكرة في ملعب الجهات المعنية، التي تملك صلاحيات تعديل هذه الأوضاع، وتفعيل القوانين المُعطلة، حتى لا يبقى الطبيب الشاب أسيرًا للوعود، في حين يُحمّل كل يوم مسؤولية فوق طاقته، بمكافأة لا تليق