نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ترمب يغير إعدادات أمريكا - خبر صح, اليوم الثلاثاء 22 أبريل 2025 08:44 صباحاً
(أمريكا أولا)، كان وما يزال شعاره الأخاذ الذي ينزوي خلفه، ليمارس عنترياته السياسية داخل البيت الأبيض وخارجه، ويبقى السؤال: هل غير الواقع أمريكا أم غيرها ترمب؟!
بعد حربين عالميتين برزت أمريكا كفكرة غربية جديدة ومستقلة، تستقي من المادية والقوة والنفعية كل أدواتها للحضور والتأثير والتغيير، مارست شيئا من الديموقراطية والتي تعني الأغلبية بأي نسبة لتسود كمفهوم في الداخل الأمريكي فقط، بدأت بعد انطفاء وانحسار أعدائها بعد الحرب العالمية الثانية في تشكيل مفاهيمها الخارجية تجاه العالم، وشكلت حلفا سياسيا غربيا حارب الشيوعية وأجهز عليها ليخلوا العالم لمفاهيمها وسلطتها.
بعد انهيار جدار برلين الذي يعد أهم رمزية في انهيار الشيوعية وحلفها العسكري وارسو، استولت أمريكا على العالم وبدأت تفرض هيمنتها المطلقة على الآخرين، وإن ظلت مستمرة في ريادتها للغرب وشراكتها مع الأوروبيين كحليف موثوق يحمي تلك الدول ويسير شؤونها الخارجية وفق ما يعرف بحلف الناتو.
ومع حلول الألفية، كشرت أمريكا عن أنيابها الجديدة، فغزت العراق وأفغانستان، وتسببت في كوارث إنسانية معيبة ومهيبة تجاه شعبي هذين البلدين، تحت ذريعة الحرب على الإرهاب، عبر شعار بوش الشهير؛ (من لم يكن معنا فهو ضدنا)، وكلها كانت تصب في مصلحة أمريكية جديدة، تهدف للسيطرة على العالم وإعادة تشكيله وفق السلطة الأمريكية المطلقة التي لا يزاحمها أحد.
فشلت مشاريع أمريكا العسكرية في العراق تحديدا، وتبنت بعدها العمل على فكرة الفوضى الخلاقة، التي رعاها أوباما وحزبه المتشبع بقيم الديموقراطية الظاهرة، وفي الخفاء كانت تحاول إعادة تشكيل خارطة المنطقة العربية، وفق تلك النظرية الخبيثة، لإعادة تجزيء تلك المنطقة وتفتيتها لتصبح كيانات صغيرة يسهل السيطرة عليها وإدارتها واستغلال ثروات أرضها.
فشل هذا المشروع مرة أخرى وكسرت أدواته، ثم جاء عهد رئاسي جديد بقيادة ترمب، الذي انقلب على حلفاء أمريكا، وابتزّ العالم، وجعل المال وسيلة أولى لتجسير أي علاقة هادئة مع الآخرين، ولعل سرعة إسقاط النظام السوري السابق، وإعطاء روسيا الضوء الأخضر لتحسم صراعها في الشرق؛ أكبر دليل على البعد المادي الذي يريده ترمب من العالم، وفق صفقات سياسية غير معلنة، لكن شواهدها النفعية توكد نزعة أمريكا (ترمب) إلى التنفذ والسيطرة على العالم من جديد، وبكلف مالية تتحملها الشعوب الأخرى، ترفع من منزلة أمريكا حتى لو كان هذا الارتفاع على حساب الحلفاء والشركاء التقليديين!
غزة كانت آخر ما صدره ترمب للعالم، عندما كشف عن نواياه في تهجير شعبها والاستفادة من غزة كأرض تصلح أن تكون منتجعات وفنادق تخدم السائح الغربي وكل سائح ينشد الهدوء والسكينة على شواطئ البحر المتوسط، هنا ترمب كشف عن حقبة استعمارية أمريكية جديدة شديدة التوحش، (وعلى عينك يا تاجر)، دون خوف أو مراعاة لتلك القيم الإنسانية التي طالما تشبثت بها أمريكا وجعلتها وسيلتها الأولى للتدخل والتداخل في شؤون الآخرين!
ترمب يعيد دوزنة السياسة العالمية وفق منهجية مادية وحشية استعمارية بغيضة، تجعل أمريكا أولا وبقية العالم لا وجود لهم ولا أثر ولا تأثير. ويبقى السؤال... هل تغيرت أمريكا أم غيرها دونالد ترمب؟!
alaseery2@
أخبار متعلقة :