خبر صح

التأمين الطبي والطبقية المجتمعية.. هل فقدنا العدالة الصحية؟ - خبر صح

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
التأمين الطبي والطبقية المجتمعية.. هل فقدنا العدالة الصحية؟ - خبر صح, اليوم الثلاثاء 22 أبريل 2025 08:45 صباحاً

في الوقت الذي يفترض فيه أن يكون النظام الصحي منصفا وشاملا، تظهر فجوات واضحة في العدالة الصحية نتيجة لاختلاف فئات التأمين الطبي. هذه الفئات التي تقسم بناء على الدخل أو طبيعة الوظيفة، لا تعكس فقط تفاوتا في القدرة على الوصول للخدمة الطبية، بل تجسد نوعا من «الطبقية المجتمعية» داخل المنظومة الصحية.

في بعض الدول وخاصة في المجتمعات التي يشكل القطاع الخاص فيها جزءا كبيرا من الخدمات الصحية، يمكننا أن نلاحظ كيف أن صاحب التأمين المميز يستقبل في مستشفى خاص بموعد سريع وغرفة خاصة، بينما ينتظر صاحب التأمين الأدنى ساعات وربما أياما للحصول على خدمة طبية أقل جودة. بل في بعض الحالات ترفض بطاقة التأمين الأقل من قبل مستشفيات أو أطباء بعينهم، مما يضطر المريض للبحث عن بدائل قد لا تتناسب مع حالته الصحية أو موقعه الجغرافي.

هذا التفاوت لا يتعلق فقط بالراحة أو الرفاهية، بل يؤثر مباشرة على سلامة المرضى وجودة الرعاية. فعندما يمنح مريض إمكانية رؤية أطباء متخصصين بسرعة وبجودة عالية لمجرد أنه يحمل بطاقة تأمين من الفئة الذهبية، بينما يؤخر علاج مريض آخر بالحالة نفسها لأنه ينتمي لفئة تأمينية أقل، فإننا أمام تمييز صحي صريح.

المبرر الاقتصادي قد يستخدم كثيرا لتبرير هذا التفاوت، إذ يقول البعض إن من يدفع أكثر يستحق خدمات أكثر. لكن الرعاية الصحية ليست خدمة ترفيهية أو اختيارية، بل هي حق إنساني أساسي. وعندما يتحول هذا الحق إلى «امتياز» يباع ويشترى، فإننا نكون قد خسرنا جوهر العدالة المجتمعية.

العدالة الصحية لا تعني تقديم الخدمة نفسها للجميع، بل تعني أن يحصل كل فرد على الرعاية التي يحتاجها في الوقت المناسب وبالجودة المناسبة، بغض النظر عن وضعه المالي أو وظيفته. وقد أثبتت التجارب الدولية الناجحة أن الأنظمة التي تعتمد على شمولية التأمين الصحي الوطني وتوحيد الفئات تساهم في تعزيز الصحة العامة وتقليل الفوارق الاجتماعية.

إن وجود فئات متعددة للتأمين الطبي دون وجود آليات واضحة لضمان المساواة في جودة الخدمة يكرس مفهوم «الطبقية الصحية»، ويخلق فجوة تتسع يوما بعد يوم بين أفراد المجتمع. وهذا لا يؤثر فقط على الأفراد، بل على النظام الصحي بأكمله، ويُضعف ثقة الناس في مؤسساته.

لذلك من الضروري أن تعيد الجهات المعنية النظر في هيكلة أنظمة التأمين الطبي، وتعمل على دمج العدالة في قلب السياسات الصحية، من خلال تقديم حد أدنى موحد من الرعاية بجودة عالية لكل المواطنين، مع فتح المجال لخدمات إضافية دون الإخلال بحق الجميع في الصحة.

في نهاية المطاف تبقى الصحة حقا لا ترفا، والعدالة ليست خيارا بل ضرورة.

M0hammed_O1@

أخبار متعلقة :