بينما تنطفئ أضواء الحواس واحدة تلو الأخرى مع مرور السنوات، وتتباطأ ضربات القوة الجسدية تدريجيًا، تظل هناك "بطلة خفية" في جسد الإنسان تواصل مهمتها الحيوية بصمت وكفاءة لا تصدق. إنها ليست من الأعضاء التي تلمع في كتب التشريح أو تتصدر عناوين الأخبار الصحية، لكنها تتحرك في كل لحظة، من لحظة الميلاد وحتى دخول القبر. تلك هي كرات الدم الحمراء.

مفاجأة علمية من قلب الطب

في تصريح مثير للدهشة، كشف الدكتور حسام موافي، أستاذ طب الحالات الحرجة بقصر العيني، خلال مشاركته في برنامج "رب زدني علمًا" المذاع على قناة صدى البلد، عن معلومة طبية غريبة تمثل استثناءً من القاعدة البيولوجية المعروفة. قال إن التقدم في العمر يؤثر تقريبًا على كل وظائف الجسم، من السمع والبصر وحتى نشاط الدماغ، إلا أن هناك عضواً يرفض الخضوع لقوانين الشيخوخة.

كرات الدم الحمراء.. مقاومة للزمن

أوضح "موافي" أن كرات الدم الحمراء تستمر في العمل بكفاءة عالية مهما تقدم العمر، حتى في التسعينات وما بعدها. وأكد أنها لا تتراجع وظيفيًا أو عدديًا بسبب كبر السن، بخلاف معظم أجهزة الجسم الأخرى التي تشهد تدهورًا طبيعيًا مع مرور الوقت.

الأنيميا ليست حتمية الشيخوخة

لفت الدكتور إلى نقطة مهمة قد تغيب عن كثيرين، حيث أوضح أن الإصابة بفقر الدم أو الأنيميا لدى كبار السن ليست نتيجة طبيعية للتقدم في العمر، بل هي في الحقيقة جرس إنذار على وجود خلل مرضي يستوجب التشخيص والعلاج الفوري. وقال: "إذا وجدت شخصًا يبلغ من العمر 90 عامًا ويعاني من أنيميا، فلا يجب أن أقول إنه كبر في السن، بل هو مريض ويحتاج إلى تدخل طبي".

لماذا هذه المعلومة مهمة؟

تكمن أهمية هذه المعلومة في تصحيح مفاهيم طبية شائعة، إذ يعتقد البعض أن التعب وفقر الدم في الشيخوخة أمر طبيعي لا يستدعي القلق. لكن الدكتور حسام موافي أعاد التوازن إلى هذه النظرة، مشددًا على أن أي تدهور في كفاءة كرات الدم الحمراء ليس له علاقة بالعمر بقدر ما يعكس وجود حالة مرضية كامنة.

وظيفة حيوية دون توقف

المعلومة التي كشف عنها الدكتور حسام موافي تسلط الضوء على استثناء مذهل في جسم الإنسان، وتدعو إلى تغيير الطريقة التي ننظر بها إلى أمراض الشيخوخة. كرات الدم الحمراء تظل، كجندي مجهول، تؤدي وظيفتها الحيوية دون توقف حتى لحظة الوفاة، وهو ما يجعل الانتباه لأي خلل فيها ضرورة لا يمكن تجاهلها، خاصة في مرحلة الكبر.