شهدت مدينة إسطنبول، اليوم الأربعاء، سلسلة من الزلازل المتتابعة، أثارت حالة من الذعر في شوارع المدينة التي تُعد الأكبر في تركيا، حيث بلغت أقوى تلك الهزات 6.2 درجات على مقياس ريختر، مركزها في بحر مرمرة قرب الضواحي الغربية.

الزلزال الرئيسي تلاه هزتان ارتداديتان، الأولى بقوة 4.4 درجات والثانية 4.9، ما دفع آلاف السكان إلى مغادرة المباني والاحتشاد في الشوارع، وسط حالة من القلق من وقوع زلازل أخرى لاحقة. وقد وثّقت مقاطع فيديو لحظات تدافع وهلع شهدتها مناطق مثل سليفري وبويك شكمجة، الواقعتان في الضواحي الغربية، واللتان شعرتا بأشد التأثيرات.

وأعلن وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، عبر منصة إكس أن "زلزالاً بقوة 6.2 درجات ضرب منطقة سيلفري على بحر مرمرة في إسطنبول"، مشيرًا إلى أن الزلزال كان محسوسًا في عدد من المحافظات المحيطة.

من جانبها، أكدت إدارة الكوارث والطوارئ التركية (آفاد) أن الزلزال وقع عند الساعة 12:49 ظهرًا، وعلى عمق بلغ 6.92 كيلومترات، مضيفة أن الهزات الارتدادية سُجلت قبالة سواحل بويوك تشكمجة، دون ورود تقارير رسمية عن وقوع إصابات أو أضرار مادية كبيرة حتى الآن.

وبحسب مركز الأبحاث الألماني لعلوم الأرض، فإن مركز الزلزال يقع على عمق 10 كيلومترات تحت سطح الأرض، ما يفسر انتشاره وشدته في مناطق واسعة من إسطنبول.

ناجي غورور، الجيولوجي التركي البارز وخبير الزلازل، أوضح في منشور له على منصة إكس أن الزلازل التي وقعت اليوم "حدثت على صدع كومبورغاز"، مضيفًا: "زلازل اليوم ليست الزلازل الكبيرة التي نتوقعها، لكنها تزيد من الضغط على صدع كومبورغاز وتجعله أكثر عرضة للكسر."

ودعا غورور الحكومة وبلدية إسطنبول إلى التعاون والعمل المشترك مع السكان لإعداد المدينة لمواجهة الزلازل المستقبلية.

وتقع إسطنبول على خط صدع شمال الأناضول، وهي منطقة معروفة بنشاطها الزلزالي المرتفع، ويخشى الخبراء منذ سنوات من وقوع "زلزال كبير" قد تتجاوز قوته 7 درجات، خاصة مع النمو العمراني السريع ووجود عدد كبير من المباني غير المقاومة للزلازل.

وفي تصريحات سابقة، قال وزير البيئة التركي، مراد قوروم: "واحد من كل خمسة منازل في إسطنبول غير مستقر هيكلياً، أي ما يقارب 1.5 مليون منزل."

وتعزز هذه الهزات الأرضية المخاوف القديمة المتجددة، خاصة بعد الزلازل المدمّرة التي شهدتها تركيا في فبراير 2023، والتي أودت بحياة أكثر من 55 ألف شخص.

ومع تزايد التحذيرات العلمية، حذّر مرصد "قنديلي" للزلازل من أن إسطنبول معرضة بنسبة 64٪ لزلزال بقوة 7 درجات بحلول عام 2030، ما يجعل من الهزات الحالية جرس إنذار إضافي لضرورة تعزيز الجاهزية وتطوير البنية التحتية في المدينة المكتظة بالسكان.