فيلم هندي في ذمار - قصص عجيبة وتفاصيل غريبة.! - خبر صح

من القصص التي عشتها ولا أنساها طيلة عمري أنني حين أكملت امتحانات الثانوية العامة في العام 1998م قررت مع أحد أبناء عمي أن ننطلق من قريتنا في ريف إب إلى رداع بحثا عن عمل.
وقد حدثت لنا في تلك الرحلة عجائب وغرائب ولا عجائب رحلة ابن بطوطة !
قلت لابن عمي:
_ أنا لن أشتغل الا في مكتبة.
ضحك ساخرا:
_ عادك تتشرط اذا حصلت عمل في بوفية قدك رجال.
المهم بكرنا سافرنا فوق السيارة الشاص والشمس تشوينا حتى وصلنا إلى العدين، ومن العدين ركبنا بصندوق الهايلوكس إلى إب، وهناك تأخرنا إلى بعد العصر، ومنها انطلقنا إلى ذمار.

وصلنا ذمار الساعة التاسعة بعد العشاء والدنيا بررررد كأننا في موسكو.!
أستأجرنا غرفة في فندق وذهبنا للعشاء ونحن نرتعش من البررررد ثم عدنا وما إن جلسنا حتى رأينا والعياذ بالله التلفزيون، وكانت الفتاوى في تلك الأيام أن التلفزيون رجس من عمل الشيطان، وكنا من الشباب المتدينين بتشدد يقص المسمار لدرجة أنني لا أحصي عدد أشرطة الأغاني التي تقربت إلى الله بتكسيرها سواء في منزلنا أو في منازل الأقارب كأنني نبي الله إبراهيم عليه السلام يحطم الأصنام.!
قال ابن عمي:
_ لابد من إخراج هذا الشيطان اللعين من الغرفة.
اتصل بالاستعلامات وقال بصوت حازم:
_ تعالوا أخرجوا إبليس من عندنا.
أستغرب العامل في الفندق:
_ هاه لياه وما أدى إبليس لعندكم يا خبير ؟!
بعد دقائق جاء العامل وهو يلهث وقد ظن أن جني قد هجم على غرفتنا.
وحين فهم أننا نقصد التلفزيون غطاه بستارة ثم قال:
_ الآن لو حملته إلى المخزن في الدور الأرضي في الصباح ستخرجون وسأضطر أحمله وأرجعه هنا مرة ثانية.
خلوه في محله لكن لا تشغلوه.
قبلنا بالتعايش السلمي مع الشيطان لليلة واحدة وعلى مضص.
بعد أن انصرف قلت لابن عمي:
_ ما رأيك نشغل التلفزيون نشوف الأخبار؟
_ أعوذ بالله.
بعد قليل هدأ وشغلنا التلفزيون وهو يستغفر، وبدأت أقلب القنوات وكانت قليلة جدا حينها، كانت قناة mbc تعرض تلك الليلة فيلم هندي.
قلت لابن عمي:
_ ما رأيك نشوف الفيلم ؟
_ يا راجل روح، يعني أول ما نسافر الخارج نرتكب المعاصي والذنوب؟!
_ إيش من خارج إحنا بذمار ؟!
واقترحت عليه أن نشاهد الفيلم فإذا رأينا فيه لقطات خادشة ومشاهد مثيرة أغلقنا التلفزيون وانتهى الأمر.
بدأنا نمضغ القات ونشاهد الفيلم، كان الفيلم غاية في الاحتشام، وبدأنا نندمج مع الفيلم شيئا فشيئا حتى أننا سافرنا بخيالنا إلى الهند ورافقنا بطل الفيلم ووقفنا معه مواقف كلها رجولة، وفزعنا معه في كل المعارك التي خاضها.

بدأ الفيلم بذلك الضابط النزية وهو يرفض أن تمر سيارة المخدرات التابعة لإحدى العصابات، أعد لهم كمينا وأوقع بهم، بعدها جاء أفراد العصابة إلى منزله لقتله، أختبئت زوجته وطفله حتى ذهبوا، لكنهم عادوا وطاردوه، لاحقوه في الأزقة والأسواق وهو يقاومهم بشجاعة حتى أنه قتل العشرات منهم، لكنهم حاصروه أخيرا وقتلوه أمام الناس الجبناء الأنذال الذين لم يتحركوا لنصرته.!

بكينا تأثرا بهذا الظلم، ثم فرت زوجته وطفله الصغير راج إلى منزل آخر، وبدأوا يعيشون حياة مليئة بالكفاح والتعب حتى شب راج وألتحق بالشرطة ليكون بطلا كأبيه ولينتقم من العصابة.
أحب راج رادا التي شاءت الأقدار أن تكون ابنة زعيم العصابة التي قتلت والد راج.!
تغني من النافذة لدقائق _ ولكنها محتشمة_ وهي تتخيله، ثم يغني هو نصف ساعة وهو يتخيلها، ثم يغنون سويا لدقائق أخرى وهم يجرون فوق السهول والمدرجات الخضراء والشلالات، ثم تعود الحياة لطبيعتها وكأن شيء لم يكن.!

ذهب راج لخطبة رادا وحين رآه والدها زعيم العصابة عرف أنه نجل الضابط الذي قتلوه فأخفى الأمر وقبل بخطوبته.
بعد أيام ألتقاه وطلب منه أن يسهل مرور شحنة مخدرات فما كان من راج إلا أن وافق ثم ذهب وبلغ القيادة بذلك، لم يكن زعيم العصابة يريد تهريب الشحنة وإنما كان يريد اختباره.
وحين علم بأنه قد بلغ الشرطة حمل السيارات شحنة فواكه ومر في الموعد المحدد ليسقط في الكمين فتشوا السيارات ووجدوها شحنة فواكه فتركوها تمر، وسجلوا الواقعة كبلاغ كاذب ضد راج.
وتكررت الحوادث. وفي كل مرة يفشل راج في إلقاء القبض عليه ملتبس بالجريمة حتى تم فصل راج من عمله، وحينها انتهز زعيم العصابة الفرصة وعرض عليه العمل معهم فوافق وفي نيته أن يغدر بهم.
وبالفعل تم الإيقاع بالعصابة وتبرأ زعيمها من صبيانه وأعيد راج لعمله وأعيد له اعتباره، وبدأت معركته مع والد خطيبته الذي قام بدوره ممثل الأدوار الشريرة امريش بوري.
كانت تهاجمه العصابة وفيها العشرات فيهزمهم ويقضي عليهم، وكأنه محارب أسطوري لا يهزم، حتى أن رصاص سلاحه لم يكن ينفذ أبدا، وكنا نفزع معه من ذمار.!

في الأخير تمردت رادا على والدها الظالم وفرت إلى راج فأرسل لهم بجيش عرمرم مدجج بأحدث الأسلحة فأباد راج بمسدسه نصف الجيش " يا عيني على الخرط الهندي" ثم تكاثروا عليه وقتلوه وقتلوا رادا.

وهنا أجهشنا بالبكاء، ثم بكينا بكل قوة حتى أن عمال الفندق سمعونا وهرعوا لنجدتنا وطرقوا علينا الباب ففتحنا ونحن نبكي ونتمخطط:
_ لياه إيش فيكم ؟!
_ قتلوا راج ورادا.
_ منهم راج ورادا هؤلاء؟!
_ اللي بالفيلم الهندي بالتلفزيون.
_ أنتوا شغلتوا إبليس ؟!
_ أيوه.
وسألنا العمال:
_ أنتوا من يريم ؟!
_ لا من العدين.
تركنا العمال ونحن في حالة عزاء نبكي ونتمخطط وانصرفوا وهم يضحكون.
بعدها حدثت المفاجأة التي لم تخطر لنا على بال.!
لقد شفي راج ورادا رغم أن في بطن كل واحد منهم قرن رصاص.!
ثم قتلت الشرطة زعيم العصابة وتزوج راج على رادا وغنوا ورقصوا ساعة ونصف.!
وحينها فرحنا ومسحنا دموعنا وشاركناهم الأفراح والليالي الملاح.
بعدها اعترف لي ابن عمي بحبه لإحدى فتيات القرية، ثم فتل شاربه وأقسم وهو في حالة من النشوة والكيف إن رفض والدها تزويجه فإنه سيفعل مثل راج ويشكل عصابة ويخطفها ويتزوجها غصبا عنه.
ثم طلب مني أن لا أخبر أحدا بهذا السر، وأننا شاهدنا فيلم هندي في ذمار.
وقد تزوج ابن عمي بتلك الفتاة لكنه لم يضطر لأن يفعل كما فعل راج.!
لقد حرمنا من مشاهدة فيلم هندي في قريتنا.! يا خسارة.

*قصة قصيرة