خبر صح

الاشتراكي... من ماركس إلى عبدالملك - خبر صح

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الاشتراكي... من ماركس إلى عبدالملك - خبر صح, اليوم الأربعاء 23 أبريل 2025 04:22 مساءً

في خبر صادم يصلح لأن يعلق في متحف الهزائم الوطنية، أدانت قيادة الحزب الاشتراكي اليمني، عبر وكالة "سبأ" الحوثية، ما سمته "العدوان الأمريكي الإمبريالي الصهيوني على اليمن"! وأكدت – بوجه لا يعرف الاحمرار – استعدادها للدفاع عن "الأرض اليمنية" جنبا إلى جنب مع ميليشيا الح..وثي، في مشهد عبثي يذكرنا بأن نهاية بعض الأحزاب تشبه تماما نهايات الممالك العتيقة: ترقص رقصة الموت على أنغام طبول الغزاة.

هكذا، ببساطة مذهلة، ينحدر حزبٌ عريقٌ حمل شعارات الحداثة والعدالة والطبقة العاملة، إلى التماهي مع حركة رجعية، سلالية، كهنوتية، تزعم حقها الإلهي في الحكم وتؤمن أن الإمامة قدر منزل من السماء.

ولكن كيف تحول الاشتراكي اليمني، الذي تغنّى بثورتي سبتمبر وأكتوبر، إلى كيان يرفع شعارات الحوثي ويصف ميليشياته بـ"القوات المسلحة اليمنية"؟ هل مر الحزب بعملية غسيل دماغ جماعية؟ أم أن يحيى منصور أبو أصبع أصبح زعيما روحيا في محراب الكهنوت؟

إنها ليست فقط مهزلة، بل خيانة للتاريخ، ولدماء الرفاق الذين واجهوا الأئمة، ولأصوات النساء المحاصرات في ريف تعز، ولسُمر الجنوب الذين حلموا بيمنٍ ديمقراطي لا يسجد لعمامة.

هل نسيتم كيف كانت الإمامة تسحل أبناءكم بتهمة "الشيوعية"؟ هل نسيتم سجون الزنازين التي دخلوها لمجرد أنكم كنتم تقرأون منشورات الحزب؟ كيف ترفعون راية الجمهورية، ثم تبايعون من يطالب بالولاية؟ هل اختلطت لديكم المفاهيم؟ أم أنكم تقرؤون التاريخ بعيون مطفأة، وأنوف لا تشم رائحة الخيانة؟

في صنعاء اليوم، يتجول طيف الحزب الاشتراكي في هيئة شبح سياسي باهت، يوقع البيانات نيابة عن نفسه، ويضع الختم حيث تأمره "اللجنة الثورية العليا".

لكن بيانكم ليس موقفا وطنيا، بل وصمة عار تاريخية. تشبهون الآن ممثلا شيوعيا عجوزا يؤدي دورا في مسرحية من إنتاج الهاشمية السياسية، ويأخذ أجره بعبارة: "شكراً لأنكم معنا ضد الإمبريالية!"

والشاهد كل شيء صار يفسر اليوم بمزاج يحيى منصور، رجل أراد أن يكون الصوت المتزن، فإذا به صوت الجهة التي لم تؤمن بيوم بحرية، ولا بمساواة، ولا بجمهورية، ولا بشمال ولا بجنوب. الرجل الذي أمسك بالميكروفون ليهتف ذات يوم ضد الكهنوت والاستعمار، صار اليوم يصفق للغزاة الجدد، تحت لافتة "الممانعة"، بينما الميناء يُنهب، والمدن تُقصف، والمدنيون يُفجّرون بعبارات عن الجهاد والعدوان.

على إن ما يجري ليس فقط انحرافا سياسيا، بل انهيار أخلاقي وفكري كامل، وانسلاخ من كل ما كان يشكل نبل الفكرة الاشتراكية. فأنتم لا تقفون مع "الوطن"، أنتم تقفون مع مشروع خرافي يلبس عباءة الدين ويسوق الناس نحو الكهوف.

بمعنى أدق فإن الفرق كبير بين أن تكون يساريا وأن تكون تابعا. بين أن تقاوم الإمبريالية، وأن تكون أداة بيد ميليشيا تمارس أبشع أشكال القمع والطائفية. وما فعلتموه هو خلط مريع بين المعنى والكلمة، بين الموقف والركوع، بين المقاومة والمجاراة.

ويا مشايخ "الاشتراكي"، عارٌ عليكم أن تسلموا الحزب لتاريخٍ لا يعرفكم. سيسألكم أطفال اليوم غدا: من كنتم؟ ولن تعرفوا بماذا تجيبون.

ولكن لماذا لم يدن الحزب العدوان الحوثي على السفن في البحر الأحمر؟

لأن البيان ببساطة لم يُكتب في إطار وطني مستقل، بل كُتب في مطبخ الدعاية الحوثية، التي ترى أن تهديد الملاحة الدولية "مقاومة"، بينما تصور أي رد على هذا التهديد بأنه "عدوان صهيوني أمريكي إمبريالي".

وهكذا فإن الحزب، في صنعاء أو ما تبقى منه، صمت عن العدوان على البحر الأحمر لأنه لم يعد يمتلك قراره، وصار يُموضع مواقفه وفقا لما يرضي سلطات الأمر الواقع في صنعاء. هو لم يدن الهجمات على السفن التجارية، لأن الحوثي يعتبرها أدوات مشروعة للابتزاز السياسي، ولأن الحزب، للأسف، أصبح يُزايد على الوطنية من بوابة الخضوع لا المبدأ.

نعم ، يدين "العدوان على اليمن"، لكنه لا يرى أن تهديد الاقتصاد العالمي وخلق مجاعة في اليمن نفسها، هو عدوان.

يتحدث عن "السيادة"، ويغض الطرف عن أن جماعة تُشعل حرائق في المياه الدولية، وتحول اليمن إلى ساحة صواريخ ومغامرات.

السبب الحقيقي؟

لأنهم اختاروا أن يسكتوا على الباطل خوفا أو مجاملة أو مسايرة، وبذلك فقدوا احترام حتى من تبقى لهم من جمهور.!

أخبار متعلقة :